قد يشنّ تنظيم داعش هجمات في يوم الانتخابات، المقرر إجراؤها في 12 أيار المقبل، مستغلاً وجود مناطق هشّة لم تعالج منذ إعلان النصر على التنظيم نهاية العام الماضي.
وعلى الرغم من أن القيادة العسكرية، وجهت في نيسان الحالي، عدة ضربات وصفت بـ"الاستباقية" على مواقع محتملة للمسلحين، ومنها داخل الاراضي السورية، إلا أن الخطر ما زال يكمن في مناطق محررة في كركوك، والموصل، وتكريت، وديالى، والأنبار.
وخلال الفترة المنصرمة نفذ داعش عدة هجمات في تلك المناطق، تسببت في مقتل وجرح نحو 50 شخصاً، بينهم مرشحون للانتخابات، فيما تعرّض آخرون الى محاولات اغتيال فردية في بغداد والبصرة.
ووجّه تنظيم داعش تهديدات الى عدة دول في كلمة صوتية منسوبة الى متحدثه الرسمي المدعو "أبو الحسن المهاجر"، بثتها مؤسسة "الفرقان"، المهتمّة بنشر نشاطات التنظيم.
في ظهوره الجديد بكلمة استمرت نحو 48 دقيقة، حملت عنوان "فبهداهم اقتده"، وجّه المهاجر الجزء الاكبر من تهديده الى الحكومة العراقية، متوعدا أنه في حال تمّ تنفيذ حكم الإعدام بأي امرأة متّهمة بالانتماء الى"داعش"، فان ذلك سيتسبب في "أنهار من الدماء".
ودعا المهاجر في كلمته مساء الاحد الماضي، عناصر التنظيم إلى استهداف الانتخابات البرلمانية المقبلة، وعدم التفريق بين المرشحين أو الناخبين، قائلا إنهم كفار وحكمهم سواء، ويجب قتلهم من دون استثناء.
كما طالب المهاجر من عناصره باستهداف جميع علماء الدين السنّة والشيعة الذين دعوا للمشاركة في الانتخابات، إضافة إلى استهداف شيوخ العشائر، ووسائل الإعلام.
وادّعى المهاجر أنّ تنظيم داعش لا يزال متواجداً في سوريا، والعراق، ومصر، وليبيا، واليمن، وأفغانستان، وغربي إفريقيا.
وزعم أن التنظيم برغم هزائمه المتتالية وانحسار مناطق نفوذه، إلا أن قوّته لم تضعف، ويسير بحسب الخطة التي رسمها قادته.
وأبو الحسن المهاجر عُيّن متحدثًا رسميا للتنظيم خلفاً لأبي محمد العدناني الذي قتل في غارة جوية من التحالف الدولي في حلب في آب 2016، وهو مقاتل أجنبي كما هو واضح من كنيته "المهاجر"، ولكن جنسيته الأصلية لا تزال غير معروفة حيث لم يعلن عنها داعش.بدوره أكد المتحدث باسم قيادات العمليات المشتركة العميد يحيى رسول، وجود عمليات استباقية تقوم بها القطعات العراقية وعمليات تفتيش ودهم وإلقاء قبض وتدمير ما تبقى من خلايا داعش.
وأضاف رسول في بيان صدر عقب التسجيل الصوتي "نحن نتعامل مع عدو إرهابي ونطمئن الشعب العراقي إلى أن القوات العراقية تقوم بجهد كبير، وستؤمن مراكز الاقتراع بشكل تام"، موضحاً أن بيان التنظيم "محاولة مهزوم لشحذ عناصره، وهو بيان ضعيف، ورغم ذلك نحن نتعامل مع كل التهديدات مثل هذه على محمل الجد".
كما أشار إلى أن "الشعب العراقي يعيش بخير وسلام، وسنستمر بالمتابعة والملاحقة، وستكون عملية الاقتراع ناجحة، وعلى المواطن أن يتأكد من ذلك، وأن يختار من يريد بلا خوف من تهديدات (داعش)".
ووجّه العراق، مؤخراً، ضربات استباقية بالاتفاق مع التحالف الدولي هي الثانية من نوعها خلال عامين، استهدفت فيها مناطق تمركز المسلحين في الاراضي السورية.
العودة لمهاجمة الأنبار
وقال عيد عماش الكربولي، عضو مجلس محافظة الانبار، في تصريح لـ(المدى) أمس إن "العراق وجّه 5 ضربات الى منطقة هجين السورية"، معتبراً تلك الهجمات "مهمة جدا لمنع أي تقدم لداعش باتجاه الاراضي العراقية".
وكانت مصادر عسكرية قد تحدثت لـ(المدى) قبل شهرين، عن وجود نحو 3000 مسلح في المنطقة السورية القريبة من الحدود العراقية، فيما تسبب بتسرب تلك المعلومات بمعاقبة بعض الضباط من قبل الحكومة.
لكن رغم ذلك يرجح الكربولي وهو مرشح عن المحافظة أن "ينفذ داعش هجمات على مقرات الاحزاب ومراكز الانتخابات في يوم الاقتراع أو قبله". وأشار الى أن داعش ما زال لديه حواضن وخصوصا في هيت، التي توقّع بأنها لن تستقر في وقت قريب.
وتسبب هجوم مسلح استهدف في 9 نيسان الحالي، مقراً حزبياً في هيت بمقتل عدد من المدنيين وجرح آخرين بينهم مرشحة للانتخابات المقبلة.
ودفع الوضع غير المستقر في الانبار في انتخابات مجالس المحافظات في 2013 الى تأجيل إجراء الاقتراع هناك الى عدة أشهر، فيما لم تفتح مراكز اقتراع في الفلوجة بالانتخابات التشريعية الاخيرة بعدما سيطر داعش على المدينة نهاية 2013.
وتوقع الكربولي ان تقرر الحكومة حظر التجوال قبل وبعد إجراء الانتخابات، خوفاً من استهداف داعش لمراكز الاقتراع والناخبين.
ومنذ إعلان رئيس الحكومة نهاية 2017 تحقيق النصر على داعش، أكدت اللجنة الأمنية في البرلمان وجود نحو 1000 مسلح ما زال متواجداً في صحراء الأنبار الشاسعة، وهم يتحركون بمساعدة رعاة غنم.
تجمّعات جديدة لداعش
كما يقول عبدالعزيز حسن الباجلاني، عضو اللجنة لـ(المدى) أمس إن "هناك تحركات ونشاطاً لداعش في عدد من المحافظات، خاصة في ديالى، كركوك، الموصل، والأنبار".
وأشار الباجلاني الذي نفذ بأعجوبة في نيسان 2014 من هجوم مسلح نفذه داعش على مقر الاتحاد الوطني في خانقين في موسم الانتخابات، الى أن "التنظيم يفكر في كل انتخابات بمهاجمة المرشحين والناخبين".
وحذر عضو لجنة الامن من وجود "200 مسلح الآن ينشطون في مناطق قرب مخمور، جنوب أربيل، عقب انسحاب قوات البيشمركة من هناك في تشرين الاول الماضي"، كما يقول إن هناك "خطراً في المناطق الممتدة من ديالى الى الحدود الإيرانية، بالاضافة الى وجود مسلحين في حوض الحويجة في كركوك".
ودعا الباجلاني القيادة العسكرية الى المزيد من الحذر، وتفعيل الجهد الاستخباري، كاشفاً عن "تنفيذ داعش 3 هجمات خلال شهر واحد على سيطرات أمنية في خانقين".
وأعلنت الحكومة خلال شهر نيسان الجاري، تنفيذ عمليات تفتيش في المناطق الصحراوية في الانبار، وجنوب كركوك، بالاضافة الى عملية نوعية لتأمين صحراء النجف إضافة إلى الصحارى المتصلة معها من المحافظات الأخرى المجاورة.
وكان مكتب رئيس الوزراء قد نفى قبل شهرين، أنباء تحدثت عن قدوم قوة أمريكية خاصة لتأمين الانتخابات العراقية. وقال المكتب في كانون الثاني الماضي، ان تأمين حماية سير الانتخابات المُقبلة في جميع المدن العراقية تقع على عاتق القوات الأمنية من الجيش والشرطة المحلية.
الأطواق الأمنيّة
من جانبه يرجح مروان الجبارة، القيادي في الحشد الشعبي في صلاح الدين، أن تستخدم القيادة العسكرية طريقة الأطواق الأمنية لحماية مراكز الانتخابات، وقد لا تفرض حظراً للتجوال لفسخ المجال أمام الناخبين للوصول الى مراكز الاقتراع.
وأضاف الجبارة في اتصال مع (المدى) أمس، الى أن "هناك عمليات استباقية نفذت وستنفذ خلال الفترة الحالية لمنع أي هجمات محتملة في يوم الانتخابات"، كما اعتبر أن بيان داعش الأخير هو "بحث عن نصر مزيف".
لكن بالمقابل جدد القيادي في الحشد، تحذيراته السابقة من وجود جماعات مسلحة في مناطق تمتد من جنوب كركوك عبر حمرين والى داخل حدود ديالى.
وأضاف: "قد يستغل داعش المناطق والقرى الهشة هناك التي لم تجر فيها عمليات تمشيط دقيقة لتنفيذ هجمات خلال الانتخابات".