ليس من السهل الحديث عن تشكيلة الحكومة العراقية القادمة كما هو الحال في تشكيل الحكومات السابقة بعد التغيير ، لايختلف إثنان على ان العراق مبعث اهتمام الدول الإقليمية وأوربا وأمريكا وكذلك روسيا وحتى الصين وكل هؤلاء لهم مواطيء قدم تزيد وتنقص من واحد لآخر تصل في بعض المواقع الى التدخل المباشر والفرض والضغط وحتى الإكراه
وقد أفرزت الإنتخابات الأخيرة خارطة معقدة من تشكيلة البرلمان الجديد من حيث تعدد الإتجاهات والرؤى والولاءات ولم تمنح النتائج أغلبية مريحة لأي تحالف او كتلة كما كان يحدث في الإنتخابات الماضية التي كانت تتسم بالتخندقات الطائفية والعرقية وحصول هذه التخندقات على اصوات عالية مكنتهم من التحالف بسهولة نسبية ، الآن هناك تشتت بالأصوات وهناك قوائم صغيرة متفرقة وهناك خلافات حتى بين التخندقات القديمة والحلفاء السابقون وهناك صراع أمريكي إيراني حاد وكسر عظم بين السعودية وإيران وهناك استحقاقات مابعد داعش وسلاح ينتشر في العراق من شماله الى جنوبه كل هذا يجعل معادلة تشكيل الحكومة صعب ومعقد وقد يكون أصعب من معضلة الإنتخابات نفسها وقد يضع العراق في مفترق طرق يحدد المسار السياسي لمستقبل العراقي ويبين توجهاته القادمه وولائه وتحالفاته وهذا ليس بالأمر الهين ،
أمريكا التي أسقطت النظام البائد وجاءت بهذه الحركات والأحزاب تعتبر نفسها المسؤول المباشر والحامي الوحيد للعراق ونظامه وحسب اتفاقية الإطار الإستراتيجي التي تتعهد بموجبها أمريكا بحماية ( الديمقراطية ) في العراق ، ايران التي تتمتع بعلاقات قوية وعقائدية مع قيادات حزبية وحركات جهادية عديدة ومؤثرة ومع قادة سياسيين مؤثرين في الساحة العراقية تعتبر العراق حليفها الإستراتيجي في محور المقاومة وسوقها التجارية الواعدة لن تفرط بهذا الكنز أمام أعدائها أمريكا والسعودية ، السعودية التي غيرت من سياستها السابقة بالعداء للعملية السياسية وحاولت الإنفتاح على الحكومة العراقية وبعض التيارات السياسية ونجحت نوعاً ما في كسب ود البعض وقد تغيرت اللهجة السابقة اتجاه السعودية سيما وان السعودية تخوض حروب غير مباشرة مع أيران في أماكن عديدة وتعمل جاهدةً على تحييد النفوذ الإيراني في العراق ، كل هذه المشاكل والعقبات تلقي بضلالها على تشكيلة الحكومة العراقية القادمة ، في ظل كل هذه التعقيدات والمحاور والمخاوف أعتقد ان في النهاية ستتوافق الأطراف المتصارعة والمؤثرة على صيغة معينة لن يخرج منها أحد الأطراف خاسراً وستشكل فيها حكومة ( مشكل يالوز ) وسيكون فيها الخاسر الأكبر هو العراق وإستقلاليته وستكون سنوات اربعة قادمة تحكمها التجاذبات وتؤثر عليها الخلافات الخارجية وسيبقى العراق ساحة لتصفية الحسابات الخارجية