لف الغموض، مسألة الرغبة الأميركية بنصب منظومة دفاع جوي في قواعدها داخل العراق، تحسباً من الهجمات المحتملة، فيما أثارت تصريحات المسؤولين الأميركيين، بشأن ذلك جدلاً واسعاً، في ظل تكتم حكومة تصريف الاعمال، برئاسة عادل عبدالمهدي، على هذا الملف، وعدم الإدلاء بأي تصريحات جازمة بهذا الصدد.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، مؤخراً أن بلاده سترسل طلباً إلى العراق للسماح بنشر المنظومة.
وتأتي المساعي العسكرية الأميركية، لتعزيز حماية مصالحها داخل العراق، وحماية الجنود والموظفين والدبلوماسيين الأميركيين العاملين داخل الأراضي العراقية، من أي هجمات ايرانية، لاسيما بعد التوتر السياسي – الأمني بين واشنطن وطهران، عقب الغارة الاميركية التي أودت بحياة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد الدولي، في الثالث من كانون الماضي، والتي ردت عليها إيران بهجوم صاروخي على قاعدتين عسكريتين في العراق، عين الأسد في الأنبار، وحرير في أربيل.
ويرى مراقبون، للشأن الأمني، أن حكومة عادل عبدالمهدي تواجه الآن مهمة داخلية عسيرة، تتمثل بالخروج من مأزق التظاهرات الشعبية التي اجتاحت مدن وسط وجنوب العراق، والتي أسفرت عن سقوط مئات القتلى والاف الجرحى، في ظل تدخل جهات مسلحة في قمع الاعتصامات بـ”الحديد والنار”، وذلك لحين تسلم الوزارة الجديدة أعمالها.
وحاول موقع “ناس” التواصل مع عدة مسؤولين في مكتب القائد العام للقوات المسلحة، ووزارة الدفاع، بشأن ذلك، لكن المسؤولين رفضوا التعليق على الموضوع.
لن تمنح واشنطن موافقة كاملة على منظومة الدفاع الصاروخية، وفق الخبير الامني هشام الهاشمي، الذي يرى أن حكومة تصريف الأعمال قد توافق على نشر المنظومة في أماكن محددة فقط.
ويقول الهاشمي لـ “ناس”، اليوم، (7 شباط 2020)، ان “التوجه الحكومي الحالي هو عدم الموافقة على نشر بطاريات باتريوت الدفاعية على الاراضي العراقية”، لافتاً الى أن “الحكومة قد تلجأ الى المماطلة في المفاوضات مع الولايات المتحدة الاميركية”.
وأضاف، أنه “في حال وافقت حكومة تصريف الأعمال على الطلب الأميركي، فانها قد تقبل بنشر بطاريات الصواريخ في أماكن محدودة، مثل قاعدة عين الأسد في الانبار، أو في إقليم كردستان”.
وبشأن موقف رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة محمد توفيق علاوي، من هذا الملف، كشف الهاشمي انه “في لقاء سابق مع علاوي، كشف لنا انه سيقوم بترحيل ملفين أمنيين الى الحكومة المقبلة، عقب الانتخابات”.
ويضيف أن “هذين الملفين هما إخراج القوات الاجنبية من العراق، وتقنين الحشد الشعبي”، عازياً هذا الاجراء الى “الرغبة بوجود كتل سياسية قوية داخل البرلمان لحسم هذين الملفين”.
وكان مسؤول أميركي، كشف في تصريح تابعه “ناس”، (5 شباط 2020)، أن “وزارة الدفاع الأميركية ستضطر إلى إرسال قوات أميركية إضافية في حدود الـ 400 جندي إلى داخل العراق لمؤازرة وتشغيل هذه البطاريات، والتي ستؤمن إمكانات كبيرة لا تندرج فقط في حماية مجمع السفارة الأميركية في العاصمة بغداد، إنما سـتوفر مظلة أمنية للمنطقة الخضراء”.
وشدد المسؤول على أن “بطاريات باتريوت الدفاعية ستحمي الجنود والموظفين الأميركيين في العراق من خطر الصواريخ التكتيكية – العشوائية مثل “الكاتيوشا” وغيرها، وستكون جزءاً من سلسلة إجراءات أمنية سيتم اتخاذها مع الجانب العراقي لحماية الوحدات الأميركية التي تساعد الجيش العراقي في محاربة تنظيم داعش ومنع ظهوره مجددا. ومن أبرز هذه الإجراءات تفعيل أجهزة الرادار والإنذار المبكر”.
وجدد المسؤول تأكيده على أن “عمل القوات الأميركية في العراق يأتي دائما في إطار تلبية دعوة الحكومة العراقية لتأمين الدعم والخبرات في محاربة داعش”.
بدوره، ألمح قائد الأركان الأميركية، مايك ميلي، إلى إمكانية نشر منظومة باتريوت المضادة للصواريخ في العراق لصد أي هجمات صاروخية إيرانية مُحتملة على مواقع تمركز القوات الأميركية، مستدركاً بأن الأمر يستدعي طلباً من القادة العسكريين على الأرض.
وذكر ميلي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، تابعه “ناس” (30 كانون الثاني2020)، أنه “لو كانت البطاريات موجودة لما سقطت الصواريخ على قاعدة عين الأسد”.
وأشار ميلي إلى أن “التدابير الأمنية المتخذة لحماية الجنود أسهمت بعدم سقوط ضحايا داخل قاعدة عين الأسد”، لافتاً إلى أن “النية من إطلاق الصواريخ كانت قتل الجنود داخل القاعدة وليس الاستهداف فقط”.
وكشف عن وجود “الكثير من القدرات التكتيكية سننشرها في أماكن مختلفة بحسب طلب القادة ولا يمكن ان نخوض بالتفاصيل”.