عطّل الانسداد السياسي الحادث في العراق اعتماد مشروع قانون الموازنة المالية للعام الجاري 2022، فأصاب ذلك أبرز القطاعات الاقتصادية بشلل تام، فضلا عن تأثيره الواسع في حياة المواطنين، في ظل اعتماد آلاف العمّال على المشاريع الاستثمارية المرتبطة بتلك الموازنة.
وأجرى العراق انتخابات نيابية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما زالت الخلافات محتدمة بشأن طبيعة الحكومة المقبلة، حيث أمهل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قوى “الإطار التنسيقي” حتى العاشر من شهر شوال (12 مايو/أيار المقبل) لتشكيل الحكومة، في خطوة أراد منها إحراج خصومه.
لكن هذا النزاع انسحب سريعًا على الوضع الاقتصادي، والموازنة المالية للبلاد، إذ تمنع القوانين حكومات تصريف الأعمال إرسال تشريعات إلى البرلمان لإقرارها.
مخالفة صريحة للقانون
في هذا الإطار، أكد النائب السابق في اللجنة المالية أحمد حمه رشيد أن النظام الداخلي لمجلس الوزراء منع سنّ مشاريع القوانين أو إرسالها إلى البرلمان، باعتبار أن تلك الحكومة غير ممنوحة الثقة من هذا البرلمان، “ولدى إرسال هذا القانون فإننا سنكون أمام مخالفة صريحة، فضلًا عن أن نصف البرلمان لم يشارك حتى الآن في الجلسات، بسبب الخلافات السياسية”.
ويؤكد رشيد -للجزيرة نت- أن إقرار الموازنة إذا تأخر فإن قانون الإدارة المالية ينص على إنفاق كل شهر بشهره وفقا لبرنامج موازنة العام الماضي، حيث تتشكل الموازنات من شقين أساسيين هما: الموازنة الاستثمارية، والتشغيلية، وإذا كانت التشغيلية مغطاة بالقانون، فإن الاستثمارية تعتمد على إقرار الموازنة العامة.
على الجانب الآخر، فإن خلافا نشب بين الحكومة والبرلمان بشأن الموازنة، ففي الوقت الذي أكد فيه حاكم الزاملي نائب رئيس مجلس النواب أنه يمكن السماح للحكومة بإرسال الموازنة المالية، عبر التصويت على ذلك، أعلنت وزارة التخطيط أنها ستترك تلك المهمة للحكومة المقبلة.
وقال الزاملي -الأسبوع الماضي- إن البرلمان سيصوّت على تفويض حكومة تصريف الأعمال بإرسال قانون الموازنة إلى المجلس، في حين ردّ الوكيل الفني لوزارة التخطيط ماهر حماد، في تصريحات صحفية، بأن الحكومة الحالية لن تقدم قانون الموازنة إلى مجلس النواب، بل ستتركه للحكومة المقبلة.
وتمثل الموازنات المالية الأداة الرئيسة لتحقيق السياسات العامة للدولة، سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الخدمية، وهي بمنزلة عرض لخطط الحكومة وبرامجها السنوية، التي تعدّها استجابة للتحديات الحالية.
وتمنح الموازنات الحكومات التخطيط الأفضل لبلوغ الحد الأقصى من الإيرادات، وإعادة تنظيم توزيعها وفق أولويات الإنفاق من أجل خدمة المجتمع، والأهم من ذلك فإن الموازنة تعدّ أداة تنعكس فيها قوة ورمزية الدولة من خلال وصول الإنفاق إلى جميع الدوائر والمؤسسات وفق خطط الإنفاق التي توضع بطريقة تتوافق مع أولويات المواطن، وذلك يعني تعطل الجوانب الاقتصادية في حال عدم إقرارها.