نشرت صحيفة إندبندنت عربية تقريرا بعنوان “صراع البقاء في برلمان العراق… أقليات تبحث عن كرسي” قالت فيه إنه على مدار أكثر من عقدين من التغيرات المتسارعة التي عصفت بالعراق بعد عام 2003 كان الحضور السياسي للمكونات الدينية الصغيرة، خصوصاً المسيحيين والإيزيديين، محور جدل مستمر.
وأضافت أنه بينما تركز النقاشات في كل دورة انتخابية على تنافس الأحزاب الكبرى وهيمنتها على المشهد يخوض المسيحيون والإيزيديون الانتخابات من زاوية مختلفة، ليس طمعاً في النفوذ، بل دفاعاً عن الوجود في العراق، ومحاولة يائسة أحياناً لصون ما تبقى من هوية تاريخية عريقة.
ولفت التقرير إلى أن المسيحيين والإيزيديين يشكلان أقدم المكونات في النسيج الاجتماعي العراقي، حيث عاشوا في سهل نينوى وسنجار ودهوك وبغداد منذ آلاف السنين، وعلى رغم تنوع طوائفهم ، إلا أنهم تميزوا بقدرتهم على التعايش والاندماج في محيطهم من دون تهديد للهوية الوطنية لكن بعد عام 2003 انقلبت المعادلة، حيث فقد المسيحيون أكثر من 80 في المئة من تعدادهم السكاني في العراق، إذ هاجر ما يزيد على 1.5 مليون شخص إلى أوروبا وأميركا وأستراليا، بينما تعرض الإيزيديون لإبادة جماعية على يد تنظيم “داعش” الإرهابي عام 2014، في واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث.
وأضاف التقرير أن القانون العراقي نص على تخصيص خمسة مقاعد للمسيحيين ضمن نظام الـ”كوتا” موزعة على بغداد وكركوك وأربيل ونينوى ودهوك، ومقعد واحد للإيزيديين، لكن هذه المقاعد كثيراً ما كانت محط انتقادات من داخل المكونين أنفسهم، إذ يتهم ناشطون ومراقبون الأحزاب الكبرى الشيعية والكردية باستغلال هذه المقاعد عبر دعم مرشحين تابعين لها شكلياً من أبناء الأقليات.
في هذا السياق يقول المتخصص في شأن الأقليات فراس ميخائيل للصحيفة إن الـ”كوتا” تحولت من أداة لحماية التنوع إلى وسيلة للهيمنة المقنعة، وهناك نواب يحملون الهوية المسيحية، لكنهم ينفذون أجندات لأحزاب بعيدة تماماً عن مصالح مكوناتهم الأصلية
ولفت التقرير إلى أن مناطق مثل سنجار والحمدانية وتلكيف تمثل تجسيداً واضحاً لمعاناة المكونات الدينية الصغيرة، حيث تتحول المعارك الانتخابية إلى معارك نفوذ مسلح ومناطقي ، أما في سهل نينوى، فالوضع لا يقل تعقيداً، حيث تتوزع الولاءات بين حركة “بابليون” المدعومة من فصائل مسلحة، والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري المقرب من الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، إضافة إلى مستقلين يحاولون مقاومة هذا الاستقطاب دون جدوى غالباً.
وخلص التقرير إلى أنه بين المشاركة الرمزية والخشية من التلاعب، لا يبدو أن الطريق واضح أمام المسيحيين والإيزيديين، ففي ظل تهديدات الهجرة وتغير الديموغرافيا والاستقطاب السياسي، يصبح الصوت الانتخابي لهذا المكون تعبيراً عن بقاء سياسي أكثر من كونه تنافساً حقيقياً.
